أوروبا بين الأمن والاقتصاد: هل الإنفاق العسكري هو الحل للتعافي؟

تشهد أوروبا حالياً تحولاً كبيراً في سياستها، حيث تتسابق الحكومات لزيادة ميزانياتها العسكرية بشكل غير مسبوق في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بسبب الحرب في أوكرانيا. هذا الاندفاع نحو التسلح يثير جدلاً واسعاً حول ما إذا كان هذا الإنفاق سيعزز الاقتصادات المتعثرة أم سيشكل عبئاً مالياً إضافياً على الشعوب.

توقعات اقتصادية متباينة

تأمل بعض الحكومات الأوروبية في أن يؤدي زيادة الإنفاق العسكري إلى إنعاش اقتصاداتها، وذلك من خلال تحفيز الصناعات الدفاعية، وخلق فرص عمل جديدة، وتعويض فقدان الوظائف في قطاعات أخرى مثل صناعة السيارات. وقد عبرت شخصيات سياسية بارزة عن هذا الأمل، مثل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيسة المفوضية الأوروبية **أورسولا فون دير لاين**.

ومع ذلك، يحذر الخبراء الاقتصاديون من أن هذا الإنفاق قد لا يحقق نمواً مستداماً، حيث:

عائد محدود: تشير التقديرات إلى أن كل دولار يُنفق على الجيش يزيد الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 سنتاً فقط، وهو أقل بكثير من العائد الذي تحققه الاستثمارات في التعليم أو البنية التحتية.

زيادة الدين العام: يتم تمويل معظم هذا الإنفاق عبر الدين العام، مما يرفع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من المخاطر المالية.

الاعتماد على الخارج: تواجه الصناعات الدفاعية الأوروبية تحدياً في تلبية الطلب المتزايد، مما يجعل الدول تعتمد على الاستيراد من الخارج، خاصة من الولايات المتحدة، وهو ما يقلل من الأثر الاقتصادي المحلي.


 المستفيد الأكبر: واشنطن أم بروكسل؟

يثير التقرير سؤالاً مهماً حول المستفيد الحقيقي من هذا التوجه. فبينما تحاول الدول الأوروبية تعزيز صناعاتها العسكرية، يرى الخبير محمد رجائي بركات أن المستفيد الأكبر هو الاقتصاد الأمريكي.

صفقات أمريكية: يشير بركات إلى أن ألمانيا خصصت 100 مليار يورو لشراء أسلحة ومعدات، معظمها أمريكية الصنع، مثل طائرات F-35.

ضغط ترامب: يأتي هذا الاتجاه استجابة لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيادة الإنفاق العسكري للدول الأعضاء في حلف الناتو، مما يضمن تدفق الأموال إلى الشركات الأمريكية.


تختتم المصادر بالتأكيد على أن زيادة النفقات العسكرية ستأتي حتماً على حساب الإنفاق الاجتماعي والتقاعدي، مما قد يؤثر سلباً على رفاهية الشعوب الأوروبية في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة.

#buttons=(موافق!) #days=(20)

باستخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام
Ok, Go it!